مَنْ أَنْتَ

 

                                                       بقلم: الشاعرة الأستاذة هدى ميقاتي

أُلقيت في مهرجان بنت جبيل الثقافي الأول

التي نظمته هيئة بنت جبيل الخيرية الثقافية "هبة"

في مدينة بنت جبيل _  11/11/2006 م.

مَنْ أَنْتَ غَيْرَ الْهَوى رَفْرِفْ عَلى نَغَمي     يا طائِرَ الْحُبِّ مَنْ أَسْراكَ في حُلُمي؟

 

أَعْلى مِنَ الْوَجْدِ ما حاوَلْتُ أَلْمِسُهُ         أَقْصى مِنَ الْعِشْقِ ما تَسْعى لَهُ قَدَمي

 

هَوى التُّرابِ بَريقٌ زائِفٌ وَهَوى              نورِ الْقُلوبِ هَوى قَلْبي فَلا تَلُمِ

 

ما هاجَ في الرّوحِ صَعْبٌ أَنْ تُقاوِمَه          بَعْضُ الْحُروفِ وَأَنْ تَقْتادَهُ لِفَمي

 

فَاصْمُتْ إِذا شِئْتَ صَمْتَ الْعارِفينَ وَقُلْ    أَعْلى الْكَلامِ صَريرُ الصَّمْتِ يا قَلَمي

 

الْيَوْمَ تَصْرُخُ في الأَشْلاءِ رِقَّتُها               وَيَشْهَقُ الطَّيْرُ مَشْنوقاً عَلى النَّسَمِ

 

الْيَوْمَ تَنْطِقُ أَحْجارُ الدِّيارِ هُنا              يَذْوي ضَميرُكِ مَيْتاً هَيْئَةَ الأَمَمِ

 

خَطْوُ الصَّناديدِ يَحْكي مَنْ يُفَسِّرُها         هذي الْمَلاحِمُ بَيْنَ الْوَرْدِ وَالْحِمَمِ؟

 

اللّهُ أَكْبَرُ رَعْدُ الصَّوْتِ يَحْفِرُها              فَوْقَ الصُّخورِ وَفي الأَشْجارِ وَالأَكَمِ

 

أَوْ قادِمونَ وَطَلْقاتٍ يُسابِقُها                  قَفْزُ الأُسودِ عَلى الْوُدْيانِ وَالْقِمَمِ

 

أُغْرودَةُ النَّصْرِ في السّاحاتِ أَبْلَغُ ما            يَشْدو بِهِ الْقلْبُ في مَعْزوفَةِ الشَّمَمِ

 

ماذا تَقولَ إِذا شاهَدْتَ ثاكِلَةً                   تَسْتَقْبِلُ الْمَوْتَ بِالتَّهْليلِ وَالنَّغَمِ

 

أَوْحينَ تَلْمَسُ أُمٌّ كَفَّ طِفْلَتِها                تَحْتَ الرُّكامِ لَكِ الْحَوْراءُ فَابْتَسِمي

 

أُصْمُتْ فَكُلُّ كَلامٍ يَمَّحي خَجَلاً               وَانْطُقْ بِثَغْرِ شَهيدٍ ناطِقٍ بِدَمي

 

أَرْضَ الْجَنوبِ سَمائي أَنْتِ مُذْ سَقَطَتْ       كُلُّ السَّمَواتِ وَانْشَقَّتْ إِلى حِطَمي

 

إِنّي حَضَنْتُكِ حُلْماً قَدْ فَزِعْتُ لَهُ                 لَمّا صَحَوْتُ عَلى إِغْفاءَةِ الْحُلُمِ

 

هُنا البُطولاتُ، لَوْنُ الْكِبْرِياءِ دَمٌ               يُقْضى الْوُضوءُ بِهِ في سَجْدَةِ الْقِيَمِ

 

في كُلِّ بَيْتٍ مُصَلّىً لَوْ حَجَجْتُ لَهُ             بَلَغْتُ بِالسَّعْيِ بابَ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ

 

مِنْ زَمْزَمِ الدَّمْعِ أُسْقى كُلَّ مافَزِعَتْ             كَأْسٌ تُرَنِّخُها الأَحْداقُ بِالدِّيَمِ

 

وَبَيْنَ كَأْسٍ وَثَغْرٍ وَالدُّموعُ يَدٌ                    عَلى الزِّنادِ وَصَوْتٌ لَجَّ بِالْقَسَمِ

 

لَنا التُّرابُ وَنَحْنُ الصّامِدونَ هنا                 أَرْضُ الْجِهادِ وَبابُ الْقُدْسِ وَالْحَرَمُ

 

هدى ميقاتي